ملخص الدراسة
نظرا لخطورة المساس بمعلومات ووثائق الدولة بأي طريقة لحساسيتها وللأثار الوخيمة التي قد يخلفها ذلك المساس من عواقب قد لا يدرك عقابها في بعض الاحيان، فقد اتجهت العديد الدول مؤخرا الى اصدار تشعريعات خاصة تفرد تنظيما تشريعيا مفصلا ومحكما لكفالة الحماية القانونية الشاملة قدر الامكان لمعلومات ووثائق الدولة، لتوضح وتعرف ماهية تلك المعلومات والوثائق وعناصرها، وتقسيماتها، وتبين فيما بعد أحكام المسئولية الجنائية الناشئة عن الأخلال بأوجه الحماية المقررة قانونيا لها ، وعليه يمكن القول ان الشارع الجنائي في مختلف الأنظمة القانونية قد أدرك عدم كفاية النص التجريمي العام المنصوص عليه في غالبية قوانين العقوبات والمتعلق بتجريم افشاء السر المهني في اطار حرصه على كفالة الحماية القانونية الكاملة لمعلومات الدولة ووثائقها، فعلى الرغم من أن التزام الموظف العام بعدم افشاء الأسرار الوظيفية يجد مصدره في كل من القانون الاداري والجنائي، حيث كانت وما زالت جريمة الافشاء لمعلومات ووثائق الدولة هي أشهر أنواع الجرائم الواقعة على معلومات الدولة ووثائقها، الا انها ليست الجريمة الوحيدة التي بالامكان ان تتخذ من معلومات ووثائق الدولة محلا لها، فقد اصبجت الدول طرفا مجنيا عليها في العديد من الجرائم التي تمس ما لديها من معلومات ووثائق، وهو ما سنتناول أحكام تفصيلا في متن هذه الدراسة.
وفي هذه الدراسة سنقتصر في اطار تناول موضوعاتعا على الخوض في أعماق الحماية الجنائية فقط كوجه من اوجه الحماية القانونية المقررة بشأن معلومات ووثائق الدولة، دون ندخل في تفاصيل هذا الموضوع من زاوية القانون الاداري الذي تشبعت به المكتبة القانونية، ودون أن نقصر ونركز على الحماية الجنائية لأسرار الدولة من جانب أسرار الدفاع والجرائم الواقعة على الدولة من جهة الخارج الملاتبطة بأسرار الدفاع والأمن والتي امتلأت كذلك بها أرفف المكتبة القانونية، ان كان سياق الدراسة يقتضي بالضرورة ان نعرج على تلك الموضوعات من باب الأشارة اليها ولو بشكل يسير حتى نتفادى سهام النقد من قصور او ما شابه في هذا الجانب. وختاما فقد أردنا ان ندلو بدلونا في ظل ثنايا هذه الدراسة ونجتهد في تحليل مسائل جديدة ذات صلة بموضوع الدراسة، فضلا عن البحث في التأصيل القانوني لعدد من الجرائم المستحدثة من قبل التشريعات الحديثة التي ظهرت مؤخرا لتسبغ الحماية القانونية على معلومات ووثائق الدولة، مع التطرق الى بيان مدى امكانية المساس بمعلومات ووثائق الدولة من الناحية المعلوماتية، املين ان تكون هذه الدراسة دراسة متكاملة الأركان في هذا الشق من القانون الجنائي، بأن تعود بالفائدة في الختام على كل من امتد بصره الى صفحاتها ولو بالنزر اليسير - والكمال لله وحده ولي التوفيق والرشاد.